الاثنين، 27 أبريل 2009

وداعا .. مطار النزهة Nuzha AP




وداعا .. مطار النزهة
ليست هذه عبارة أطلقها أحد المسافرين فى وداع أحبائه فى المطار ، لكنها فيما يبدو فى وداع المطار ذاته ..!
مطار النزهة الذى اشتهرت به الإسكندرية والذى تجاوز عمره الستين عاما أعيد إغلاقه وفتحه عدة مرات خلال السنوات القليلة الماضية تحت بند أعمال الصيانة ، وفى الآونة الأخيرة سرت أخبار وإشاعات عن قرب إغلاق مطار النزهة للأبد ..
فما هى الحكاية وماذا يهمنا من أمر المطار؟

أول زيارة لى لمطار النزهة كانت عام 1990 كنت فى رحلة خط سيرها الإسكندرية – القاهرة – كوبنهاجن – دبلن ، لم تكن هناك خطوط دولية مباشرة من الإسكندرية ، ولذلك أضيفت رحلة القاهرة
بين الإسكندرية والقاهرة كانت الرحلة غريبة بعض الشيء .. كانت الطائرة من الحجم الصغير ، وأخذت تتأرجح فى الهواء حتى تملكنى الشعور بأن الطائرة ربما ستسقط بفعل الرياح أو بأى فعل آخر ، المهم لم تكن مريحة على الإطلاق ، وتنفس الركاب الصعداء بوصولنا بسلامة الله إلى أرض مطار القاهرة الدولى
أما فى رحلة الطائرة العملاقة عبر البحر المتوسط ثم جنوب وغرب وشمال أوربا كانت خمس ساعات ممتعة حقا .. لا تشعر بأى اهتزاز ولا ينتابك أى خوف ، ومع الوقت تبدأ فى القراءة أو متابعة الفيديو أو الاستماع إلى الموسيقى .. ثم تأتيك وجبة ساخنة تقدمها لك إحدى المضيفات بأدب جم ، وبابتسامة خفيفة تسألك عما تفضله ، وتندهش كيف تهتم الخطوط الأجنبية بمعرفة ذوقك الشخصى فى الطعام وإن كنت تتناول لحم الخنازير أم لا وأنت معلق فى الفضاء على ارتفاع 10 كم عن سطح الأرض ، تشعر حقا بالراحة وكأنك فى أحد الفنادق الفخمة أو فى بيتك على الأرض ، ولما كان الوقت نهارا والجو صاف والشمس ساطعة فقد تمتعت فعلا بمناظر الطبيعة الأوربية الخلابة ، سلاسل جبال هائلة مكسوة بالثلوج ووديان خضراء وتلال زاهية أنستنى ما حدث قبلها بساعات
علمت بعدها أنه كلما زاد حجم الطائرة كلما زاد ثباتها فى الطيران ومقاومتها لتيارات الرياح ومطبات الهواء ، وأن ما حدث لى يحدث عادة فى معظم الطائرات الصغيرة ( بالمناسبة كانت تلك الطائرة ، ولدهشتى ، من طراز عتيق بالنسبة لعصر النفاثات فكانت بمروحتين كما فى أفلام زمان) ، لكن ما خطر لى فى هذه الرحلة هو نفس الخاطر الذى لا يغيب عن بالى فى أى رحلة جوا منذ أول مرة أسافر فيها على متن طائرة .. يا إلهى .. كيف يطير هذا الشيء!! .. نعم لدينا من العلم ما يسمح لنا بتفسير هذا ولدينا من التجربة ما يدفعنا لتصديقه ، لكن التعجب أبدا لا يزول ..

لقد مرت على البشرية عصور سحيقة لم يستطع فيها الإنسان الطيران على الإطلاق ، فكيف فى بضع عشرة سنة يصبح كل شيء هكذا سهلا وميسورا ويصبح الطيران حقيقة عادية يتعامل معها ملايين البشر كل يوم فى كل أنحاء الدنيا .. ودائما أردد .. علم الإنسان ما لم يعلم .. الواقع أننى رغم كل الدراسة والاطلاع والتجربة ما زال يستهوينى النظر إلى الاختراعات الحديثة نظرة من يراها لأول مرة .. إن التحامنا بالتكنولوجيا الحديثة وتعودنا عليها لا يسمح لنا بتأمل كيف كانت الحياة قبلها ويفقدنا تقديرها كما يجب ، بل إنه مع كثرة التطبيقات الحديثة مثل الكمبيوتر وسفن الفضاء وموجات الاتصالات والإنترنت وغيرها مما ظهر خلال القرن العشرين العجيب لم تعد لدينا الفرصة للتفكير فى اختراعات جديدة .. أصبحنا نلهث خلف ما يأتينا من الشرق والغرب وكأننا اكتفينا بمحاولة اللحاق بالتعرف على ما هو موجود تاركين مهمة الاكتشافات الجديدة لغيرنا .. أو بمعنى آخر شغلنا استهلاك الحضارة عن إبداع الحضارة ..

مساء الخير ..

هناك تعليق واحد: