الجمعة، 26 يونيو 2009

ملك البوب Pop King


أحدثت وفاة مايكل جاكسون أو ملك البوب ميوزيك كما يسمونه فى الغرب ضجيجا عظيما ودويا هائلا لدى الإعلام والجمهور على السواء
لا أدرى كيف استقبل الجمهور العربى نبأ وفاة المغنى الأمريكى ، لكن المؤكد أن النيأ تم إذاعته فى جميع النشرات العربية مع نقل الحدث كما تناولته وكالات الأنباء العالمية
ولكن لا بأس من قول ما خطر ببالى وقت أن علمت بالنبأ ، الحقيقة أنى لم أشعر بفقدان قيمة فنية عظيمة ولا دور إنسانى هام ولا حتى موسيقى جميلة أو لى معها ذكريات ، ذلك أنى لم أهتم بمتابعة غناء ذلك الشاب منذ أن علا نجمه فى الثمانينات ، ليس لأنى لا أهتم بالموسيقى أو بالفنون بل لأنى لم أستطع تذوق ولا أغنية واحدة مما قدمه رغم استماعى وتذوقى لمعظم الفنون الموسيقية من جميع أنحاء الدنيا
الواقع أن انطباعى عن مايكل جاكسون كان انطباعا سلبيا ، وقد أكون مخطئا فى ذلك فلعل هناك من يصحح لى ، فلم يبد لى إلا مسخا فنيا تبعه مسخ بشرى ، ثم مسخ اجتماعى وأخلاقى ، وبينما كان الشياب الأمريكان والأوربيون يعتبرونه نموذجا للإبداع والحرية كنت أعتبره مثالا لإبداع الشيطان وحرية التفسخ والانحلال 
لقد أحاط مايكل جاكسون نفسه بهالات من الفضائح والعقد النفسية تكفى لإفساد مجتمع بأكمله ، فقد غنى بصوت مخنث ، ورقص رقص المجانين والمشعوذين ، ثم غير لون جلده الأسمر إلى الأبيض ، وغير شكل أنفه ليجعله أكثر دقة ، وارتدى زى الجنرالات العسكرى على المسرح ،  وانخرط فى سلوكيات الشذوذ وطارده البوليس وقدم للمحاكمة فى قضايا انحراف أخلاقى ، وأهدر أموالا طائلة لم يجمعها مغن قبله حتى أفلس وحاصرته الديون!  
وبفرض أن هذا كله لا يهم وأن الفن يغفر الكثير فلا أجد فى فن ذلك الشاب أى شيء يستحق الذكر 
ما يلفت النظر هو ذلك الإقبال الرهيب من جماهير الشباب على مغن لم يمثل قدوة طيبة فى أى شيء ولم يضف أية إضافة إنسانية أو فنية ذات قيمة ، هو فنان شاذ بكل المقاييس لم يحترم لا الفن ولا المجتمع ولا الإنسانية ، ومع ذلك تحقق له ذلك الإقبال وتلك الجماهيرية 
والسؤال هل اقتصر العيب عليه؟ أم شاركه فيه الملايين من الشباب الضائع؟ 
تم استقبال مايكل جاكسون فى عدة عواصم عربية ، ربما كالعادة فى استقبال أى هوس غربى ، وترددت شائعات بكل فخر عن اعتناقه الإسلام!
ترى إلى متى نظل كالببغاوات نردد كل ما تنتجه الحضارة الغربية من صيحات حتى ولو كانت على شاكلة مايكل جاكسون ، لقد تأثر بموجته فعلا بعض المغنين العرب وأصبحوا يقلدونه ومن ورائهم شباب يعتقد أن الحداثة والتطور يستلزمان اتباع كل ما يخرج عن الغرب حتى لو كان تفاهات وحتى لو كان مسخا منفرا ..
مظلوم أيها الفن .. كم من الجرائم ارتكبت باسمك!
مساء الخير ..
 

الأربعاء، 10 يونيو 2009

خرائط أوباما Obama's Maps


من الناحية العملية دعنى أسألك سيادة الرئيس أوباما ما هى الأسس السياسية والجغرافية والتاريخية والأخلاقية التى ستبنى عليها تسويتك القادمة فى الشرق الأوسط؟
القارىء للمعطيات الحالية يقول أن مرجعياتك لابد أن تعتمد على قرارات الأمم المتحدة التى اتفق عليها العالم منذ عشرات السنين ولم تتدهور أحوال الشرق الأوسط إلا بسبب تجاهل تلك القرارات أو رفضها ، بالإضافة إلى محاولات الاتفاق السابقة

1. أول قرار هو قرار تقسيم فلسطين عام 1947 إلى دولة إسرائيل ودولة فلسطينية ووضع مدينة القدس تحت إدارة دولية 

2.    ثانى قرار هو القرار رقم   242 بانسحاب إسرائيل من الأراضى التى احتلتها عام   1967 فى مصر وسوريا والضفة الغربية وغزة والقدس الشرقية ، وضمان حرية الملاحة فى قناة السويس لجميع الدول بما فيها إسرائيل

هناك مرجعيات أخرى غير تابعة للأمم المتحدة هى:

3. اتفاقية كامب دافيد عام 1979 ، برعاية الرئيس جيمى كارتر ، والتى اقتصرت على الانسحاب من سيناء مقابل إنهاء حالة الحرب بين مصر وإسرائيل

4. الاتفاقية الأردنية الإسرائيلية:
اتفاقية منفردة بين الأردن وإسرائيل لإنهاء حالة الحرب بينهما لكن دون إعادة أية أراض إلى الأردن

5. اتفاقية واى ريفر بين الفلسطينيين والإسرائيليين التى لم تتم ، تحت رعاية الرئيس كلينتون
تقترح انسحاب إسرائيل من أجزاء من الضفة الغربية وغزة وتسليم مدينة القدس لإسرائيل ماعدا المسجد الأقصى

6.     المبادرة العربية التى أطلقتها مؤخرا المملكة العربية السعودية مستندة إلى القرار   242  بانسحاب إسرائيل من جميع الأراضى المحتلة عام 1967 مع إعطاء إسرائيل ميزة جديدة هى علاقات طبيعية مع جميع الدول العربية وإنهاء حالة الحرب بينها وبين إسرائيل ، ووافقت عليها جميع الحكومات العربية


7.     خطة خارطة الطريق الأمريكية بين الفلسطينيين والإسرائيليين التى قدمت فى عهد بوش الإبن ، مستندة إلى العودة إلى قرار التقسيم عام 1947 بإقامة دولتين إحداهما فلسطينية والأخرى إسرائيلية ولكن مع:
- إضافة جزء من الضفة الغربية المحتلة عام 1967 إلى إسرائيل
- إضافة الأراضى التى احتلت عام 1949 (صحراء النقب) إلى إسرائيل
- تجاهل القرار 242 يشأن الأراضى العربية المحتلة وهى الجولان والقدس الشرقية

لنستعرض الآن بإيجاز هذه المرجعيات ، كيف قوبلت وكيف يمكن أن تساهم فى إيجاد حل لهذه القضية المستعصية
1. ماذا فعل العرب بالقرار الأول؟ لقد رفضوه بالإجماع ، وشنوا حربا عام 1948 ضد إسرائيل
السبب: رفض استقطاع جزء من أراضيهم للمهاجرين اليهود القادمين من أوربا ، لكنهم خسروا الحرب
وماذا فعلت إسرائيل به؟ خاضت إسرائيل الحرب ضد العرب
السبب: الرغبة فى الحصول على دولة لليهود فى فلسطين 

لكن إسرائيل بعد عام واحد قامت بالتوسع بالقوة عام  1949 فى صحراء النقب خارج حدود قرار التقسيم ، والذى لم يدخل فى حدود الدولة الجديدة لا الضفة الغربية ، ولا غزة ، ولا القدس ، ولا صحراء النقب ، وخرقا لاتفاقية الهدنة
الأسباب:
1. الرغبة فى التوسع جنوبا وإنشاء منفذ لإسرائيل على البحر الأحمر
2. فصل المشرق العربى عن مصر والمغرب العربى جغرافيا بإيجاد كيان إسرائيلى غير صديق يمنع الاتصال البرى

2. القرار الثانى: ماذا فعل به العرب؟ لقد قبلوه رغم تحفظهم بأنه غير كاف لحل القضية
وماذا فعلت به إسرائيل؟ رفضت الانسحاب من الأراضى التى احتلتها عام 1967

3. المرجعية الثالثة: اتفاقية كامب دافيد
قبلتها مصر وإسرائيل فقط وتم الانسحاب من سيناء مقابل الاعتراف بإسرائيل وإقامة علاقات ديبلوماسية معها
ماذا فعل بها العرب؟ العرب خارج الاتفاقية ، رفضتها جميع الدول العربية وقطعت علاقاتها بمصر لمدة عشر سنوات إمعانا فى الرفض لأنهم أرادوا استرداد جميع الأراضى العربية المحتلة

4. المرجعية الرابعة: الاتفاقية الأردنية الإسرائيلية
قبلها الطرفان الأردن وإسرائيل وتم إنهاء حالة الحرب بينهما لكن دون إعادة أية أراض محتلة إلى الأردن
ماذا كان موقف العرب؟ خارج الاتفاقية

5. المرجعية الخامسة: اتفاقية واى ريفر بين الفلسطينيين والإسرائيليين التى لم تتم ، تحت رعاية الرئيس كلينتون
ماذا فعلت بها إسرائيل؟ ضغطت لضمان السيادة على القدس بأكملها
ماذا فعل بها الفلسطينيون؟ رفضوا تسليم القدس إلى السيادة الإسرائيلية وقبلوا بقية البنود
ماذا كان موقف العرب؟ خارج الاتفاقية

6. المرجعية السادسة: المبادرة العربية
تنازل جديد قدمه الحكام العرب بالاستعداد للاعتراف بإسرائيل فى حدود عام 1967 وإقامة علاقات طبيعية معها
ماذا فعلت بها إسرائيل؟ رفضتها لسنوات ثم عادت لدراستها لكنها لم توافق عليها

7. المرجعية السابعة: خطة خارطة الطريق بين الفلسطينيين والإسرائيليين برعاية الرئيس بوش الإبن
ماذا فعلت بها إسرائيل؟ أدخلت عليها 14 تعديلا لصالحها ، ولم تنفذ أيا من بنودها
ماذا فعل بها الفلسطينيون؟ قبلها البعض ورفضها البعض لاستقطاعها لأجزاء من الضفة الغربية لصالح إسرائيل
ماذا كان موقف العرب؟ خارج الخطة

ملاحظات هامة:
1. جميع المبادرات الأمريكية الأربع خارج إطار الأمم المتحدة لم تدخل المجموع العربى فى حساباتها وأخرجت العرب من أى اتفاق وقد عمدت كلها إلى إبرام اتفاقيات منفردة بين إسرائيل وأحد الأطراف العربية ، النتيجة بالنسبة لباقى الدول العربية يبقى الموقف على ما هو عليه ، إما خارج الاتفاق وإما رافض له .. موقف لا يساعد على الاستقرار فى الشرق الأوسط ويبقى على حالة التوتر إن لم يتسبب فى إشعالها ، وهى كلها اتفاقيات هشة وهزيلة ولا تمنع اندلاع الحروب وتساعد على انتشار حركات الرفض والتطرف والإرهاب ولعل الولايات المتحدة وإسرائيل أكثر من عانى من هذه الاتجاهات

2. المبادرة العربية هى مبادرة حكومات ولم تستشر فيها الشعوب العربية صاحبة الإرادة الشعبية ، وعلى ذلك فهى غير كافية لتحقيق السلام الدائم ، إذ ستظل الشعوب تشعر بالظلم والرغبة فى تصحيح الأوضاع
 
3. قرارا الأمم المتحدة فى 1947 و 1967 (242) مكملان لبعضهما ولا يجوز اعتبار أحدهما وتجاهل الآخر لأن كل منهما يختص بقضية مختلفة ، الأول يخص إنشاء دولتين لليهود وعرب فلسطين ، والثانى يخص احتلال أراض خارج نطاق القرار الأول احتلت بالقوة وفى وقت مختلف

4. لم تعد إسرائيل أية أراض احتلتها بالقوة إلى أى بلد عربى إلا تحت ضغط القوة ، وفى حالة واحدة هى أرض سيناء التى أعادتها مرتين إلى مصر ، الأولى تحت ضغط الإنذار الأمريكى السوفييتى عام 1956 والثانية بحرب مصرية لاسترداد الأرض عام 1973
هذا يقودنا مباشرة إلى المبدأ الأخلاقى الذى يمكن أن يعتمد فى تسويات تصلح للاستمرار
هناك عدة شعارات متناقضة أطلقت من أطراف مختلفة من بينها

عدم جواز الاستيلاء على أرض الغير بالقوة
حرية الملاحة فى الممرات المائية الدولية
الأرض مقابل السلام
الأمن مقابل السلام
القدس عاصمة موحدة لإسرائيل
القدس الشرقية عاصمة لفلسطين
تدويل القدس
تقسيم القدس
تهويد القدس
حق إسرائيل فى الوجود
إسرائيل يجب أن تزول
احترام وتنفيذ قرارات مجلس الأمن الدولى
جواز استخدام البند السابع لميثاق الأمم المتحدة لتنفيذ قرارات مجلس الأمن بالقوة
لا دولة بدون حدود
لا حدود بدون دولة
عدم جواز سياسة الأمر الواقع
حق الفلسطينيين فى العودة
حق الشعوب فى تقرير المصير
حق الشعوب فى مقاومة الاحتلال
ما أخذ بالقوة لا يسترد بغير القوة

5. لم يصدر قرار أممى بشأن استيلاء إسرائيل على صحراء النقب حتى الآن

صحراء النقب هذه مشكلة إن لم تحل سيبقى الصراع على ما هو عليه إلى للأبد ولن تهدأ المنطقة
على عكس مناطق القطاع والضفة والقدس والجولان وجنوب لبنان فإن هذه المنطقة هى أساس اسمح لى فى التعبير "القرف" فى المنطقة كلها ، وهى التى يمكنها أن تؤجج مشاعر الكراهية من جديد فى أى وقت رغم كل الاتفاقات والمعاهدات ، وفى المقابل فإن حلها سيساهم كثيرا فى إرساء أساس دائم للعلاقات بين العرب وإسرائيل ويضمن لها الوجود دون مقاومة
أما لماذا لأنها جغرافيا فصلت دول المشرق العربى تماما عن مصر ودول المغرب وبهذا انطبق على إسرائيل التعبير الذى يستخدمه جميع الوطنيين العرب بأن إسرائيل هى شوكة فى الجسد العربى

أخيرا يا سيادة الرئيس نحن نطالب بمطالب منطقية وشرعية لا تخرج عن تنفيذ قرارات الأمم المتحدة:
  1. جلاء إسرائيل عن صحراء النقب تنفيذا لقرار التقسيم عام 1947 وإعادة الاتصال الجغرافى بين شرق العرب وغربهم كما كان لآلاف السنين ، أما كيفية تنفيذ ذلك فيترك للخبراء ، ومن المؤكد أن هناك الكثيرين منهم
هذا المطلب يجب أن يؤخذ فى الاعتبار فى أى اتفاق بين العرب وإسرائيل ، وهذا هو أهم مطلب فى أى تسوية لأنه الوحيد الكفيل بضمان استمرارها ويمنع نشوب الحروب فى المستقبل
  2. دولة فلسطينية متصلة فى الضفة الغربية وغزة وصحراء النقب تنفيذا لقرار التقسيم
  3. دولة إسرائيلية فى حدود قرار التقسيم لعام 1947
  4. تقسيم القدس إلى شرقية تابعة للدولة الفلسطينية وغربية تابعة لإسرائيل
  5. إعادة الجولان المحتل إلى سوريا
  6. إعادة ما تبقى من أراضى لبنان للسيادة اللبنانية
  7. نزع سلاح إسرائيل النووى

  8.           إنهاء حالة الحرب وإقامة علاقات طبيعية بين الدول العربية وإسرائيل فى حدود مستقرة وآمنة ومعتمدة من الأمم المتحدة
  9. أن يتم الاتفاق فى إطار من الشرعية الدولية داخل الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولى تلتزم به كل الأطراف
10. استخدام البند السابع من ميثاق الأمم المتحدة ضد أى طرف يرفض الالتزام بقرارات مجلس الأمن الدولى بما فى ذلك إسرائيل

هذه المطالب ليست سوى تنفيذ قرار الأمم المتحدة بشأن الدولتين الصادر عام 1947، ولم تختلف إلا فى استبدال تقسيم القدس بتدويل القدس ، وقرار مجلس الأمن رقم   242 لعام 1967 وهى القرارات الذى تضم فى مضمونها كل الجهود السابقة المجزأة لإرساء السلام فى الشرق الأوسط

أما اختزال الصراع إلى مشكلة بين الفلسطينيين والإسرائيليين فهو فكرة خائبة ولن تحل شيئا وسيدعو دولا مثل إيران وسوريا إلى إبقاء حالة الحرب وإلى دفع منظمات كحزب الله وحماس والجهاد والقاعدة إلى إشعال الحروب فى المنطقة وربما فى غيرها ، هذه المنظمات لم يفرزها إلا سلوك إسرائيل ودعم الولايات المتحدة المتواصل لها على حساب العرب والمسلمين وضد مصالحهم وكرامتهم ، كما قد يؤدى إلى عدم الاستقرار فى دول أخرى وربما تظهر نظم جديدة تتبنى التطرف

المستوطنات وحدها مع كل الاحترام لاتجاهكم لوقفها أو إزالتها ليست كل القضية ولن تكفى إزالتها لحل دائم مستقر ، إذ ستبقى هناك أراض عربية محتلة وشعوب تشعر بالظلم وترفض الاستسلام وسيظهر من السياسيين من يستخدم هذا الوضع للوصول إلى الحكم ، والواقع أن فوز حماس فى الانتخابات لم يأت إلا من هذا الطريق ، فلعلنا ننظر إلى المستقبل بطريقة شاملة ونبحث عن الوسائل الكفيلة بحل الصراع من جذوره 

سيادة الرئيس أوباما وكل رئيس أميركى قادم .. مطالبنا  ليست أكثر من تطبيق قرارين دوليين للأمم المتحدة  أيدتهما الولايات المتحدة هما قرار 1947 والقرار 242 لسنة 1967 ، ولسنا بحاجة  إلى أية مشروعات جديدة أو حلول تبتعد عن هذين القرارين أو تتجاهلهما ، هذا إذا أردنا الاستقرار الدائم وحلول السلام الحقيقى فى الشرق الأوسط  
بقى أن ندعو الله بالتوفيق
والله الموفق 

متناقضات أوباما Obama's Paradoxes


على راى المثل الشعبى المصرى : أسمع كلامك يعجبنى ، أشوف أمورك أستعجب"
لا أدرى هل بإمكان الأمريكان ترجمة هذا المثل؟
عبر كثيرون عن إعجابهم وقبولهم بالخطاب الأمريكى للعالم الإسلامى من القاهرة خاصة أن الرئيس الأمريكى حرص على مخاطبتنا بلغتنا وبديننا وبقرآننا وبتاريخنا ، وبآلامنا فى الماضى والحاضر ، وبآمالنا فى الغد والمستقبل

تعالوا نحلل سويا فى هدوء خطاب هذا الرجل منطق بمنطق
الخطاب فى منتهى الدبلوماسية ، وهو حرفيا كذلك أيضا ، وقد أمسك فيه بميزان حساس ليرسى عدة توازنات فى الرأى الأمريكى فى القضايا المختلفة بحيث تشترك التوجهات السياسية الأمريكية فى مفتاح واحد معلن هو "التوازن" .. من وجهة نظره طبعا

فهو إن ذكر معاناة الشعب الفلسطينى الحالية يذكر معاناة الشعب اليهودى السابقة
وإن طالب إسرائيل بوقف الاستيطان يطالب الفلسطينيين بوقف المقاومة
وإن اعترف بخطأ الإدارة السابقة فى حرب العراق يبرر الحرب باعتقاده أن أحوال الشعب العراقى أفضل منها فى عهد صدام حسين
وإن برر احتلال أفغانستان يتمنى أن تعود قواته اليوم قبل الغد
وإن أنشأ حربا أهلية فى باكستان يذكر أنه يرسل بالمساعدات الإنسانية للمتضررين من الحرب
وإن اعترف بالتوتر الشديد بين أميركا والعالم الإسلامى يلقى باللائمة على الحروب الصليبية وحركة الاستعمار القديم والعولمة ، ويعد بالمساعدات الأمريكية لتعويض هذه الشعوب عما أصابها من تخلف بسبب سياسات الغرب الأنانية بمعاونتها فى تحقيق التقدم
وهكذا ..
ونعود لنقول أن الخطاب خطاب ديبلوماسى فى المقام الأول ، وهو حديث مكتوب ومرتب بعناية فائقة
لكن هناك عدة أسئلة منطقية
1. هل ظهر فجأة فى أمريكا من هو على دراية بالتاريخ ليعدد لنا مزايانا التاريخية فى مسيرة الحضارة الإنسانية؟ هل بقية النخبة المثقفة لا يعلمون شيئا عن هذا؟
الجواب لا بالطبع ، ليس فقط من باب المعلومات العامة أو التاريخية بل داخل الجامعات ومراكز البحوث كل شي مكتوب ومسجل ومعروف ومدروس ، الفرق فقط هو الاعتراف به علنا وعلى المستوى السياسى
2. هل هو جديد أن ينادى الرئيس الأمريكى الجديد بفكرة الدولتين؟ ألم يطلقها بوش نفسه خلال ولايته الأولى؟ ألم ينص عليها قرار الأمم المتحدة عام 1947 المعروف بقرار التقسيم؟
3. هل إيقاف المستوطنات فكر جديد؟ ألم يذكر الرئيس أن المستوطنات الحالية تخالف جميع الاتفاقات والتعهدات السابقة؟
4. هل من الجديد إعلان القناعة الأمريكية بأن التطرف الإسلامى العنيف هو حركة أقلية من الأفراد تمثل نقطة فى محيط هائل من المسلمين المسالمين الأبرياء؟ ألم يعلن هذا بوش بنفسه؟ ومع ذلك جند إدارته لحرب الشعب الأفغانى والعراقى والفلسطينى واللبنانى؟
5. من الذى خلق الحركات المسلحة فى أفغانستان؟ أهم المسلمون أم الأمريكان؟ ألم تنشئ أميركا تلك الحركات من أجل مقاومة الاحتلال السوفييتى؟ ثم عندما انقلب السحر على الساحر راحت أميركا تناصب كل المسلمين العداء وتجر معها أوربا؟ ثم قامت باحتلال أفغانستان بدل السوفييت؟

لهذا يعلق كثير من المسلمين والعرب بأن المواقف رهن الأفعال ولا يمكن تصديق كلام يتم فعل عكسه على الأرض
دعونا نقول للرئيس الجديد أن خطابك يا سيادة الرئيس خطاب ديبلوماسى يمكن قبوله على لسان أحد وزرائك أو سفرائك كما يحدث فى كل المناسبات الديبلوماسية .. عادى .. ولا يعقل بالطبع أن تأتى إلى منطقة بينك وبينها عداء لتنفخ فى النار .. هذا هو الكلام الذى يجب أن يقال ، الاحترام المتبادل وحقوق الإنسان وكل شعارات النوايا الطيبة

لكن الرؤساء يا سيادة الرئيس ليسوا وزراء وليسوا سفراء
الرؤساء لديهم سلطات ، ويتخذون قرارات
الرئيس الأمريكى ترومان كتب فى اليهود ما كتب ولم يخف نقده لهم ، ولكنه قرر الاعتراف بدولة إسرائيل بعد إعلانها بنصف ساعة ، ربما لأنه فكر بفائدتها فى إبعاد اليهود عن أمريكا؟
ونفس الرئيس قرر ضرب اليابان بالقنابل الذرية ، ولم تكفه القنبلة الأولى فأمر بالثانية
الرئيس أيزنهاور أجبر بريطانيا وفرنسا وإسرائيل على الانسحاب من سيناء وقناة السويس
الرئيس كينيدى قرر حصار كوبا وحفز قوته النووية لاستخدامها مالم يتم سحب الصواريخ السوفييتية ، وتم له ما أراد
الرئيس نيكسون قرر مصالحة الصين بعد طول عداء ونفذ قراره
الرئيس كارتر أراد وقف الحرب بين مصر وإسرائيل وأتم معاهدة سلام انسحبت بموجبها إسرائيل من سيناء وأزالت مستوطناتها
الرئيس بوش الأب قرر تحرير الكويت من قوات صدام حسين وحشد لها القوات الأمريكية وقوات من عشرات الدول تحت البند السابع ، وتم له تحرير الكويت
الرئيس بوش الإبن قرر غزو أفغانستان وغزو العراق واحتلالهما ونفذ قراره رغم معارضة المجتمع الدولى وبدون استخدام البند السابع ، وقرر أن يعيد الشعب العراقى إلى العصر الحجرى وقد فعل

ونحن ننتظر منك قرارات حاسمة وليس خطابات وكفى
لقد قلت أنه لن يمكن لأميركا أن تعمل وحدها وأننا يجب أن نعمل معا
أوكى .. ما الذى ما تتوقعه منا؟ ليس أمامنا مع تحجر العقلية السياسية الإسرائيلية إلا أحد حلين ، إما أن نقاتل أو أن نستسلم
هل يجب على العرب والمسلمين محاربة إسرائيل واستعادة الأرض المحتلة بالقوة كما فعل المصريون فى 1973؟ هل ستسمح دولتك بذلك؟ هل يمكن لأميركا أن تنتظر انتصار العرب دون تدخل بالسلاح والعتاد والذخيرة والجسور الجوية لإسرائيل؟ هل ستقول أن تلك الأرض حق العرب ودعوهم يحصلون على حقهم المغتصب بالقوة كما أخذت منهم بالقوة؟ هل ستتركنا فى حالنا؟

الغريب أن الولايات المتحدة تسكت تماما لو أن إسرائيل هى التى تشن الحرب وتحتل الأرض وتدمر المدن وتقتل وتشرد العباد وتسكن فى مساكنهم! هذا إن تفضلت بالسكوت ولم تسارع بالتأييد والعون والتبرير
الكل يعلم أن مخافة التدخل الأمريكى هى التى تمنع العرب من استرداد حقهم بالقوة وليست مخافة إسرائيل كما يحلو للإسرائيليين أن يصوروا الأمر للأمريكان ، وهذا هو سر عدم تحرير تلك الأراضى للآن ، ليس فقط بإمداد إسرائيل بكل شيء من الإبرة للصاروخ قبل الحرب ولكن أثناء الحرب أيضا
فى حرب 1967 كانت سفينة التجسس الأمريكية ليبرتى تقف قبال الشاطئ المصرى لتفك الشفرة العسكرية المصرية وتجمع المعلومات عن القوات المصرية لتهديها لإسرائيل
وسبق ذلك تصوير مواقع المطارت الحربية المصرية بطائرات التجسس الأمريكية التى لم تكن إسرائيل تملك مثلها وباسخدام جواسيسها المباشرين وإهداء صورها لإسرائيل
وفى حرب 1973 كانت طائرات الاستطلاع الأمريكية هى التى صورت ثغرة الدفرسوار وأهدت صور ميدان القتال إلى القوات الإسرائيلية أثناء الحرب
وأثناء القتال أيضا رفعت حالة الاستعداد فى الأسطول السادس الأمريكى الذى اقترب جدا من السواحل المصرية .. لماذا؟
وأثناء العدوان الإسرائيلى القريب على غزة المحاصرة المعزولة أسرعت القيادة الأمريكية بإرسال الذخائر من قواعدها حول العالم للإسرائيليين بينما هم يقصفون المدنيين المساكين الذين تركوا بيوتهم المهدمة للاحتماء بمبانى الأمم المتحدة الى قصفت أيضا

إذا لم يكن سيناريو الحرب ضد إسرائيل مقبولا فما هو السيناريو المقبول؟ أن يوقع العرب وثيقة استسلام دون قيد أو شرط تضيع معها الأرض ويذهب اللاجئون للجحيم بعد معاناة عشرات السنين؟

إن المسألة الفلسطينية ليست إنسانية فقط
لقد حارب المصريون من أجل استرداد سيناء ولم تكن بها مأساة إنسانية ، المأساة فى نظرنا كانت فى ضرب مصر بالطائرات والصواريخ الأمريكية واحتلال جزء من أرضها ، والمأساة كانت كرامة وسيادة أصحاب الأرض قبل أن يكون لدينا لاجئين أو أناس فى المخيمات لعشرات السنين

إن الذين ضحوا بحياتهم فى الحروب مع إسرائيل لا يعيشون بيننا الآن ولم ينعموا بالعيش فوق الأرض التى قاموا بالنضال من أجلها ، الحياة الأفضل أحيانا هى الموت نفسه ، لكن بلادك أيها الرئيس لا تسمح لنا بمجرد التفكير فى هذا الشرف ، لا تسمح لنا حتى بالموت فى سبيل الحق ، لكنها تسمح بموت أبنائنا المهين على يد الإسرائيليين بالقنابل الفوسفورية وحرق الأطفال بقنابل النابالم لا مشكلة!

يعنى كيف يمكن قبول أوضاع مغلوطة كهذه؟ إن استخدام الفيتو ضد كل قرار أممى يحاول رفع الظلم عن أبناء فلسطين يوجه لنا رسائل غريبة ، لا تحارب إسرائيل ولا تقتل إسرائيليا ولا تعادى الدولة الإسرائيلية ولا تنتقم منها ، لكن إذا حاربتك إسرائيل أو قتلت أبناءك فهذا دفاع عن النفس؟ ضد ماذا؟ ضد أناس مسلمون أمرهم لله لا يريدون إلا حقهم الطبيعى فى حياة كريمة على أرضهم كبقية بنى البشر؟ ضد شعوب احتضنت اليهود لقرون طويلة بعد تشريدهم وطردهم من أوربا ، ويشهد التاريخ واليهود أنفسهم على أن سكان الأندلس الذين عاشوا مع العرب فى سلام ظلوا يطاردون لقرن كامل فى أسبانيا بعد رحيل العرب حتى وإن أخفوا يهوديتهم ، ثم اضطروا إلى ترك أوربا كلها إلى بلاد العرب حيث التسامح والسلام ، تشهد على ذلك بلاد المغرب ومصر والشام وعاشوا فيها دون أى تمييز أو تفرقة؟

أعجبتنا محاضرتك القيمة عن تعايش الأديان ، لكن إذا كان هناك شيء بهذا الاسم فنحن الذين اخترعناه ، ونحن الذين مارسناه
وقضيتنا يا سيادة الرئيس ليست مع اليهود ولا مع الديانة اليهودية ولا مع المسيحيين وديانتهم ، ديننا يعلمنا أن "لكم دينكم ولى دين"
وفى التعايش السلمى نحن لنا باع وتاريخ ، ولابد أنك تعلم كما يعلم اليهود أنفسهم كيف كانوا يعيشون ويعاملون فى مصر حتى قيام إسرائيل ، كانوا أصحاب مال وجاه وانخرطوا فى الحياة الاجتماعية المصرية لم يشعر أحد بكونهم يهودا ، بل كان منهم التجار الكبار والأطباء المميزين والفنانين المشهورين ، وما زالت أسماؤهم تتردد فى مصر إلى يومنا هذا بكل فخر ودون أية ضغائن ، وقد حققوا كل هذا داخل مجتمع مسلم ، وكذلك كان حال المسيحيين المصريين ولليوم ، ولم يكن ذلك إلا بسبب أنهم يعيشون فى مجتمع متسامح يقبل الآخر ويحرص على حقوق الإنسان دون تمييز ، هذا كله نسفته إسرائيل العدوانية التوسعية التى جعلت شعارها الدولة الإسرائيلية من النيل إلى الفرات .. هم الذين بدءوا العدوان وهم الذين أوصلوا الشرق الأوسط إلى الكوارث والنكبات ، وأيدهم الغرب فى كل خطوة ، جميع دول الغرب بلا استثناء ولا أقول أميركا فقط

ومن الطبيعى أن نعجب بالنظام الأمريكى الذى تستشهد لإنصافه بأنه منحك الفرصة لتكون رئيس الولايات المتحدة الأمريكية ، لكنك لا تنسى أن ذلك لم يأت من فراغ وإنما بنضال من سبقوك على طريق تحقيق الحريات وحقوق الإنسان ومعاناة أجيال من التفرقة العنصرية البغيضة فى الولايات الأمريكية إلى عهد قريب

ولا أدرى لماذا تذكر لنا يا سيادة الرئيس محرقة اليهود؟ هذه قصة خارجة تماما عن سياق الصراع العربى الإسرائيلى وعلاقة الإسلام بالغرب ولا أدرى لماذا تحشر فى موضوع كهذا؟
يعنى مالنا ومال هذه القصة؟ وما دخلنا إن كانت حقيقية أم وهمية؟ نحن لم نكن طرفا فيها وبالتالى ليس علينا تجاهها أية التزامات بالمرة ، من ارتكب هذا الجرم عليه وحده تحمل تبعاته وقد دفع ثمنه الشعب الألمانى وانتهى الأمر

يلخص الكثير من الناس سياسة أمريكا فى هذه المنطقة وفى كل منطقة فى عبارة واحدة هى سياسة الكيل بمكيالين أو سياسة المعايير المزدوجة ، وهذه السياسة بعينها هى التى تفقد أميركا أصدقاءها وتفقدها مصداقيتها واحترامها وتزيد من شعور الناس بالظلم والأسى ، وقديما قيل المساواة فى الظلم عدل ، فإن ساويتم بين الناس حتى بالحصار فقد يقبلونه ما دام قد خلا من التمييز
 
وبعد فإن خطابك الملئ بالقيم الأخلاقية الرفيعة ، وأولها المساواة فى الحقوق والكرامة يبعث فينا الأمل بقيام عهد جديد فى السياسة الأمريكية ، اليوم ننتقد لأننا تحكمنا ظلال الماضى ، وأملنا أن نكون غدا من المباركين والمناصرين لكم ولإدارتكم ولشعبكم ، وأن تكون بلادكم عونا للشعوب وحصنا للمبادئ ومساهمة فى إعلاء شأن الإنسان كما كانت حضارات العالم القديم

الخميس، 4 يونيو 2009

أوباما فى القاهرة Obama in Cairo


لاشك أن أوباما قد تمتع بحضور هائل فى القاهرة ، سواء حضوره هو الشخصى الظاهر أو الحضور من الجمهور فى قاعة الاحتفالات الكبرى بجامعة القاهرة الذى صفق له عشرات المرات واعتبر خطابه خطابا عاما للنوايا الحسنة 
استقبل أوباما فى القاهرة بحفاوة شديدة هى من شيم المصريين الأصيلة فى التعامل مع الضيوف الأجانب ، وفى ما يشبه الاحتفالية تم تقديم وجه أميركا الجديد فى شخصية أوباما الشابة الجذابة وحديثه إلى العالم الإسلامى بخطوط جديدة فى سياسة الولايات المتحدة وأسلوب أفضل فى التعامل مع شعوبه يتجنب الصراع ويحترم حقوق الآخر فى الاحتفاظ بهويته وثقافته ، وضرب مثلين هما اليابان وكوريا الجنوبية يظهران إمكانية الجمع بين الحداثة والثقافة الخاصة دون تعارض ، وعرض تعاون بلاده مع الدول الإسلامية فى سبيل تحديثها وإدخالها فى ركب الحضارة الحديثة 

أعلن أوباما عزم الولايات المتحدة على بدء صفحة جديدة من العلاقات تقوم على الاحترام المتبادل بين الدول والشعوب ولا تلجأ إلى القوة ، وعرض المساهمة الجادة فى حل الصراعات السياسية المزمنة بالاعتراف بحقوق كل الأطراف دون انحياز أو تجاهل 

تحدث أوباما كثيرا عن فضل الإسلام التاريخى فى المساهمة فى ركب الحضارة الإنسانية وإنتاج الحضارة الإسلامية الثقافى والعلمى بدءا من أفكار التسامى والإخاء والتسامح إلى البحث العلمى وفنون الهندسة المعمارية والخط العربى والموسيقى ، وقال أن بلاده ليست ولن تكون أبدا فى حرب مع الإسلام 
استعرض أيضا بإيجاز العلاقة التاريخية بين المجتمعات الإسلامية والغرب وكيف أنها تعاونت فى مراحل وتعاركت فى أخرى  مشيرا إلى العصر الحروب الصليبية وحركة الاستعمار والآثار السلبية للعولمة  كأسباب ساعدت على  نمو تيارات معاداة الغرب 

فى القضايا السياسية المباشرة قال أوباما إن الولايات المتحدة اضطرت إلى الدخول فى حرب أفغانستان كنتيجة مباشرة لموجة الغضب العارمة التى سادت فى أميركا بعد أحداث 11 سبتمبر التى قتلت ثلاثة آلاف أمريكى ، لكنه اعترف بأن حرب العراق كانت مقررة سلفا وبخطأ الإدارة السابقة فى الإقدام على احتلال العراق رغم المعارضة المحلية والدولية ، وأكد عزمه على انسحاب القوات الأمريكية من العراق ، وأكد ضرورة التزام إسرائيل بوقف بناء المستوطنات فى الأراضى الفلسطينية المحتلة لعدم شرعيتها ولمخالفتها جميع القرارات والاتفاقات السابقة ، والاعتراف بحق الفلسطينيين فى إقامة دولة مستقلة ، كما أكد رفضه لامتلاك إيران للقنبلة النووية رغم عدم معارضته لاستخدام أى دولة الطاقة النووية فى الأغراض السلمية 

فى خطابه النفسى استهل أوباما خطابه بالتحية بالعربية السلام عليكم ، واستشهد بآيات من القرآن الكريم فى سبع مواضع من خطابه قوبلت جميعها بالتصفيق ، كما أنه أتبع ذكر النبى محمد بقوله عليه السلام 
فى حديثه عن الديمقراطية قال إن الانتخابات وحدها ليست كافية لإثبات ديمقراطية نظام ما ، وإنما اعترافه بحقوق الآخرين وعدم استخدام الديمقراطية كوسيلة للوصول إلى التسلط وإنكار الآخر 
وفى حديثه عن حقوق المرأة قال إن المقياس الحقيقى هو التعليم الذى تناله أو تحرم منه ، وأن معظم الدول التى تتمتع بمستوى معيشى أفضل اتبعت نظما تكفل تعليم المرأة ، فإن اختارت أن تحيا حياة تقليدية للبيت والأسرة يجب أن يكون ذلك برضاها وليس رغما عنها 
تحدث أوباما أيضا عن وجود خطط جديدة لزيادة الدعم العلمى والتكنولوجى والتعليمى لبلاد العالم الإسلامى بما يساعدها على إحداث تنمية تقيها شرور البطالة والفقر والتخلف حيث أن هذه الأوضاع تساعد على انتشار اليأس ومن ثم استخدام العنف 
ثم ختم حديثه بإنكار أفكار حتمية صدام الحضارات وضرورة استبدالها بأفكار التعاون والاحترام وأشار إلى أن بدء الحروب أسهل من إنهائها 
الحديث كما نرى فى مجمله جاء كما كان متوقعا ، وهو حديث إجمالى معنوى فيه من الملامح الثقافية والأخلاقية العامة كمدخل للسياسة أكثر مما احتواه من الخطط التفصيلية التى أعلن أنها لا يمكن تنفيذها من جانب واحد وأنه ينتظر استعداد الآخرين للعمل مع بلاده لتنفيذ ما جاء به من أفكار 
وكما تحدثنا فى المقال السابق قبل خطاب أوباما ، هناك فرصة واضحة ، يشك فى أنها ستكرر ، فى إرساء السلام وإحداث التنمية فى المنطقة بالتعاون مع الولايات المتحدة ، فهل نحن جاهزون؟ 
علينا أن نعى من الآن أن هذه الإدارة الأمريكية المتصالحة قد لا تمكث أكثر من أربع سنوات يعلم الله وحده ماذا يحدث بعدها ، وقد عارضت قوى الحزب الجمهورى بشدة هذه الخطوات السلمية بل واستنكرت مجرد زيارة رئيس الولايات المتحدة للقاهرة والرياض فى بادرة صداقة ، لكن هذه القوى لن تستطيع فعل شيء إذا أتممنا خطط السلام وأجبرت من خلالها إسرائيل على القبول بإقامة الدولة الفلسطينية وإزالة مستوطناتها أثناء حكم أوباما ، وهذا هو أهم بند فى البنود الأمريكية الحالية ، فإن لم نفعل ربما يأتى الجمهوريون مرة أخرى بما لا نود ، وإذا بكينا على ضياع هذه الفرصة كما بكينا على ما قبلها قد نظل نبكى للأبد .. الخلاصة .. علينا التحرك ، وبسرعة ..