الاثنين، 27 أبريل 2009

وداعا مطار النزهة 2



وداعا .. مطار النزهة 2
أهم من هذا كانت رحلة الإسكندرية فرصة نادرة لأرى منظر المدينة من السماء .. البحر والشواطىء والمبانى ، كان كل شيء واضحا وجميلا فى البداية ، ولكن حينما ارتفعت الطائرة أذهلنى المنظر ، لقد ضغط كل شيء فى المدينة فى شريط ساحلى ضيق بل فى منتهى الضيق نسبة إلى المساحات الشاسعة التى تترامى خلفه من أراض زراعية وبحيرات وصحراء ، المدينة كلها اكتظت فى مساحة لا يتعدى عمقها بضعة كيلومترات من خط الساحل ، وتتعجب لماذا تزاحم الناس والمبانى هكذا فى هذا الشريط الضيق تاركين خلفهم كل هذا الفراغ؟!
الحقيقة أن الجغرافيا هنا قاسية حقا ، فلا الأرض الزراعية ولا البحيرات ولا الصحراء تتيح الفرصة لأى عمران إلا شرقا أو غربا بمحاذاة الساحل ، وهذا ما حدث فى العقود الأخيرة مما جعل المدينة مستحيلة الترابط ، شرقها فى واد وغربها فى واد آخر ، هذا يمتد 30 كم شرقا وهناك 30 كم أخرى تمتد غربا من وسط المدينة
أى أنه إذا دعاك أحد سكان الغرب ، العجمى مثلا ، لزيارته وأنت من سكان الشرق ، ميامى أو المعمورة ، فسوف يكون عليك قطع 40 كم على الأقل ذهابا ثم عودة فى نفس اليوم رغم أنك فى نفس المدينة ، وسوف تكتشف أن عملية اختراق المدينة بطولها وسط الأحياء السكنية المكتظة بسيارتك الخاصة مغامرة عصبية أو رياضية على أفضل تقدير ، ولذلك ستعتذر عن قبول الدعوة دون تردد ، أما إذا فكرت فى القيام برحلتك بالمواصلات العامة فسوف تعلم أن عليك ركوب ثلاث وسائل مواصلات قبل أن تصل إلى هدفك ، وأن هذا الأمر يستغرق 3 ساعات فى الذهاب ومثلها فى العودة ، وربما تساءلت هل ينوى صديقك هذا مجاملتك حقا أم أنه فى الواقع شخص حاقد قد حكم عليك بالأشغال الشاقة ولو لمدة يوم واحد!
وبنظرة إلى طرق المدينة الرئيسية نرى فى الشرق الأدنى 3 طرق طولية هى الكورنيش وطريق الحرية وطريق الترام ، تختصر إلى طريقين فى الشرق الأوسط أى بعد انتهاء خط الترام ، وفى أقصى الشرق يوجد طريق واحد هو الموازى لقطار أبى قير ، أما فى الغرب فيوجد طريق واحد فقط داخلى حيث لا يوجد طريق كورنيش بسبب البناء المباشر على البحر بالمصايف والقرى السياحية

وإذا علمنا أن امتدادات المدينة الساحلية ليست بها أماكن أعمال عامة أو مصالح حكومية أو جامعات نجد أنه على سكان المدينة الخروج بعد الفجر مباشرة للوصول إلى أعمالهم فى الصباح والعودة فى المساء ، وبين الرحلتين عليهم إما البحث عن طعام للغداء فى أحد المطاعم أو الصيام حتى العودة ، وبمناسبة الصيام فإن كان شهر رمضان تضاعف العذابان

وتتزايد أفكار وتفانين رجال المرور لمحاولة تخفيف احتقان الطرق فيقصرون بعضها على اتجاه واحد ويزيدون من تعيين عساكر المرور فى الإشارات ، ويطاردون السيارات بالقانون القديم والجديد وبالونش وبالكلبشات وباللجان وبالمخالفات ، لكن كل هذا لا يفيد ، الأزمة تزداد سوءا ، حتى أصبحت المدينة تعانى من الازدحام المزمن ليل نهار وصيفا وشتاء حتى بدون مصيفين أو زوار رسميين ، فإذا صادفت يوما موكبا رسميا فستندم أشد الندم لأنك قررت النزول من بيتك وستعرف مغزى المثل القائل .. من خرج من داره ..
لكن المواطنين أيضا يفكرون ، وبمناسبة الكلبشات لم نكن أول من اخترعها ، فقد استخدمتها عدة دول قبلنا لكنها لم تدم طويلا ، لقد عرف المواطنون كيف يتعاملون معها بأمان تام ، ببساطة اشترى بعضهم الكلبشات من مورديها ولم يكن على صاحب السيارة إلا أن يقوم "بكلبشة" سيارته فى أى مكان يتركها فيه ، فإذا رآاها رجل المرور "مكلبشة" جاهزة يتركها فى حالها ويمضى إلى غيرها!
مساء الخير ..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق