الجمعة، 2 أكتوبر 2009

أنفلونزا الخنازير .. أمان التطعيم

 صحيح أن الاعتماد فى النقاش العلمى يكون على المصادر العلمية وليس الإعلامية ، ولكن الناس كلها تتكلم فى الموضوع وأصبح بالفعل قضية عامة وانتشر الخوف إن لم يكن الرعب ، ومن ناحية أخرى فى غياب المعلومات الموثوقة هناك فرصة سانحة لنظرية المؤامرة كى تنشب مخالبها فى العقول

وفى عصر الخصخصة وجدت الحكومات فرصة ذهبية لتنفض عن كاهلها مسئولية وتكاليف صحة المجتمع متجاهلة أن مهام الصحة العامة والوقائية لا يمكن للأفراد القيام بها على نفقتهم الخاصة مهما فعلوا ، ويمكن أن تكون النتيجة دمار شامل للمجتمع بأسره ، وآن الأوان لكى تفكر الحكومات بأنه سيكون عليها دفع الفواتير القديمة التى تم إهمالها فى مجالات الصحة والنظافة وتوفير المياه النقية ومكافحة الأوبئة وإلا سيلحق بها عار قتل شعوبها بالإهمال ، ورغم أن كل قوانين الدنيا تعاقب الأفراد بتهمة الإهمال دون هوادة ، تعفى الحكومات نفسها من هذه التهمة ومن تلك القوانين ، ولربما حان الوقت لتحمل المسئولية بعد طول تنصل ، وإهمال الصحة العامة لا يمكن فصله عن إهمال التعليم والمواصلات العامة والثقافة العامة والبحث العلمى ، فهى منظومة إهمال متكاملة وسمة عامة بين حكومات العالم الثالث ، ولن يفيد النظر إلى الوباء من ثقب إبرة كما لو أنه زوبعة فى فنجان ، ولن ينجح إلا السير فى الطريق الصحيح وإصلاح كل ما أتلفه التجاهل والإنكار مهما كانت التكاليف

وهناك أناس يتخوفون من شركات الأدوية العالمية (وترتيبها الثانى فى حجم الأرباح بعد صناع السلاح) التى يسيل لعابها لبيع كميات مهولة من العقاقير لأى مرض يا حبذا لو انتشر فى كل الدنيا ، وبالتالى ينشرون أخبارا مزعجة عن خطورة التطعيم فضلا عن خطورة المرض ، وسرت شائعات بأن الطعم المصنع يسبب أمراضا خطيرة لاحتوائه على مواد ضارة بالصحة ومن ثم تدعو الناس إلى الامتناع عن التطعيم

وزراء الصحة العرب ليس بإمكانهم أكثر مما فعلته أنا هنا فى آخر هذا المقال ، أى النقل والترجمة من المصادر الدولية ، ومع ذلك لم نجد سياسة أو خطة واضحة مجابهة الكرب القادم ، ما زالت هناك حيرة بين إغلاق المدارس أو فتحها ، وبين منع السفر للحج والسماح به ، وبين إعطاء الطعم والعلاج بالمجان أو بيعه .. إلى آخره ، النكتة أن هذه المصادر لا تعطى حلولا أو سياسات وإجراءات محددة ، نشرات الأمم المتحدة تقول إن إغلاق المدارس يمكن أن يؤدى إلى تخفيض عدد الإصابات بنسبة 50% بشرط أن يكون إغلاقها قبل أن تصل نسبة الإصابات فى عموم المجتمع إلى واحد فى المائة ، فإذا تعدت هذه النسبة لن يكون للإغلاق تأثير يذكر ، ثم إن هناك مضاعفات اجتماعية واقتصادية نتيجة إغلاق المدارس وعلى كل حكومة أو إدارة دراسة ظروفها واتخاذ القرار المناسب لها ، ولذلك تقع السلطات الصحية والتعليمية فى مأزق سببه عدم التدبير لمواجهة الكوارث من أى نوع

الآن أدعو القراء مباشرة إلى هذين المركزين العالميين:

مركز CDC عبارة عن عدة مراكز متخصصة فى مكافحة الأمراض والطب الوقائى وعنوانه: 

http://www.cdc.gov/

وعنوان الموقع الإخبارى عن أنفلونزا الخنازير  (Swine Flu / H1 N1) هو:

http://www.cdc.gov/h1n1flu/

طبعا لابد من معرفة اللغة الانجليزية لمتابعة الأخبار ، لكن الأسلوب فى رأيى مناسب لعموم القراء وليس الأطباء وحدهم

والمركز ، وهو تابع للحكومة الأمريكية ، لديه سجلات كاملة عن كافة الأوبئة وتاريخها لأكثر من مائة سنة فى جميع أنحاء العالم حتى المتوطن خارج الولايات المتحدة ، وهو مرجع لكل أطباء العالم ومنذ ظهور الموقع على الإنترنت يتابعه ملايين الأطباء ، ويمكن أن نشبهه بمكتبة الكونجرس ولكن فى اختصاصه

يتم تحديث الأخبار والبيانات أسبوعيا وبه سجل أبجدى للأمراض المعدية والأوبئة على وجه الخصوص يحتوى على كافة المعلومات المتوافرة لدى المراجع الصحية الأمريكية ومراكز البحوث العالمية ، مع سجل المراجع العلمية لكل موضوع

هناك موقع مشابه لمتابعة الأمراض والأوبئة تابع لمنظمة الصحة العالمية وعنوانه:

http://www.who.int/en/

 وبه قسم خاص لمتابعة أخبار أنفلونزا الخنازير عنوانه:

http://www.who.int/csr/disease/swineflu/en/

ويتم تحديثه أسبوعيا أيضا

بما أننا نتحدث هنا عن التطعيم وليس المرض نفسه فسأقصر حديثى عن آخر مستجدات التطعيم مستمدة من الموقعين:

يقول المركز الأمريكى أن الطعم لم ينتج بعد ، وينتظر إنتاجه خلال هذا الخريف ليكون متوفرا بالأسواق خلال موسم الشتاء 2009 – 2010

أمان التطعيم والمضاعفات المحتملة:

1. احتمال ظهور أعراض جانبية بسيطة كالصداع والقئ أو احمرار وتورم فى منطقة الحقن ، وقد تستمر ليوم أو اثنين 

2. احتمال الحساسية من الطعم: نادرة الحدوث وأعراضها تورم بالوجه وصعوبة التنفس وتعامل معاملة الحساسية من أى دواء آخر بالمستشفى ، وهذه الأعراض تحدث عادة للأشخاص المصابين أصلا بحساسية ضد بيض الدجاج المصنع منه الطعم وعليه يجب عليهم الوقاية بطرق أخرى غير التطعيم

3. احتمال الإصابة بأمراض أخرى: نادر الحدوث ، وتشير كافة الأبحاث إلى عدم وجود علاقة بين التطعيم والإصابة بأمراض أخرى غير بحث واحد أشار إلى زيادة احتمال الإصابة بنسبة واحد فى المليون بمرض جيليان بار سيندروم (متلازمة الضعف العصبى العضلى) بناء على ملاحظة وباء أنفلونزا الخنازير الذى انتشر عام 1976 ، بينما لم تسفر الأبحاث اللاحقة عن وجود علاقة ما بين التطعيم والمرض

4. خطورة المواد المضافة: التيروميزال

يقول المركز أن التيروميزال مادة حافظة آمنة وسبق استعمالها فى طعوم أخرى ، وأن هناك نوعين من الطعم المتوقع إنتاجه: أحدهما بالحقن وهذا يمكن أن يعطى على مراحل ويحتوى على مادة التيروميزال لكى تمنع تلف الطعم بعد فتح العبوة أول مرة ، والثانى بخاخ أنفى وهذا لا يحتوى على تلك المادة لأنه يستعمل لمرة واحدة ، أما المادة الحافظة نفسها فليست ذات خطر وأشارت الأبحاث إلى سلامة استخدامها وأنه ليس له علاقة بالإصابة بمرض التوحد ، وأن آلاف المصابين بهذا لمرض لم يسبق لهم التطعيم

5. تطعيم الحوامل: تقول الإحصائيات أن معدل احتياج الحوامل لدخول المستشفى أعلى منه فى بقية الأشخاص ، بالإضافة إلى أن 6% من الوفيات المؤكدة بسبب المرض كن حوامل بينما يبلغ متوسط نسبة الحوامل فى المجتمع 1% فقط ، لهذه الأسباب تحتاج النساء الحوامل إلى الوقاية أكثر من غيرهن ، والوسيلة الفعالة الوحيدة للوقاية هى التطعيم ، غير أن هناك تحفظا واحدا هو أن تطعيم المرأة الحامل يجب أن يكون عن طريق الحقن لأنه يحتوى على جزيئات من فيروسات ميتة لا تسبب المرض بينما لا يجب إعطاؤها الطعم الأنفى حيث أنه يحتوى على فيروسات حية مضعفة ولا ينصح به للحوامل وإنما يمكن أن يعطى بأمان للأشخاص الأصحاء الذين تتراوح أعمارهم بين عامين وخمسين عاما من غير الحوامل

موقع منظمة الصحة العالمية يذكر أيضا أنه حتى الآن لم يتم إنتاج الطعم ، وحيث أن الفترة اللازمة لتصنيع أى طعم هى ستة أشهر من وقت اكتشاف الفيروس وحيث أنه فيروس أنفلونزا الخنازير تم اكتشافه فى أبريل 2009 فمن المتوقع التوصل إلى تصنيع الطعم فى أكتوبر 2009

وينصح الموقع تطعيم العاملين بالمجال الصحى كفئة أولوية نظرا لتعرضهم أكثر للعدوى ولمنع انتشار المرض عن طريقهم

يشترك الموقعان فى أن الموازنة بين أخطار المرض وأخطار التطعيم تحسم بالتأكيد لصالح التطعيم كأحد الوسائل الفعالة لمكافحة المرض ومنع انتشاره ، وأنه يجب استخدامه حال توفره

يشترك الموقعان أيضا فى الإشارة إلى أهمية اتخاذ الإجراءات الوقائية العادية كالاهتمام بالنظافة الشخصية والنظافة العامة وتجنب القرب من الأشخاص المصابين بأعراض الأنفلونزا مثل العطس والسخونة ، والعلاج فى حال الإصابة باستخدام العقار المضاد

أضيف حقيقة علمية لطمأنة الناس وهى أن هذا المرض لكونه نوع من الأنفلونزا ينتقل بالتالى بنفس الطريقة أى عن طريق الرذاذ وليس الهواء ، بمعنى أن الفيروس ينتقل مع الرذاذ المتناثر أثناء العطس وأقصى مدى له هو متر واحد من الشخص المصاب ، ولا يتلوث الهواء أبعد من ذلك ، فإذا كنا داخل طائرة أو باص أو قاعة وعطس أحدهم فى آخرها لن ينقل العدوى لمن فى أولها .. مستحيل ، الفيروس لا يتحرك ولا يسافر وليس له أجنحة ولا يطير فى الهواء ، يلزمه تلك الدفعة القوية الحادثة أثناء العطس لكى يصل إلى شخص آخر  

بقى أن أشير إلى أهم نقطة فى الموضوع

من أين وقد رأينا أن الطعم لم يتم إنتاجه إلى اليوم تأتى هذه القصص عن اكتشافات الخطورة وقرارات إيقاف الاستخدام والمؤامرات العالمية والتواطؤ الدولى لقتل الشعوب؟

مساء الخير .. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق