الخميس، 4 يونيو 2009

أوباما فى القاهرة Obama in Cairo


لاشك أن أوباما قد تمتع بحضور هائل فى القاهرة ، سواء حضوره هو الشخصى الظاهر أو الحضور من الجمهور فى قاعة الاحتفالات الكبرى بجامعة القاهرة الذى صفق له عشرات المرات واعتبر خطابه خطابا عاما للنوايا الحسنة 
استقبل أوباما فى القاهرة بحفاوة شديدة هى من شيم المصريين الأصيلة فى التعامل مع الضيوف الأجانب ، وفى ما يشبه الاحتفالية تم تقديم وجه أميركا الجديد فى شخصية أوباما الشابة الجذابة وحديثه إلى العالم الإسلامى بخطوط جديدة فى سياسة الولايات المتحدة وأسلوب أفضل فى التعامل مع شعوبه يتجنب الصراع ويحترم حقوق الآخر فى الاحتفاظ بهويته وثقافته ، وضرب مثلين هما اليابان وكوريا الجنوبية يظهران إمكانية الجمع بين الحداثة والثقافة الخاصة دون تعارض ، وعرض تعاون بلاده مع الدول الإسلامية فى سبيل تحديثها وإدخالها فى ركب الحضارة الحديثة 

أعلن أوباما عزم الولايات المتحدة على بدء صفحة جديدة من العلاقات تقوم على الاحترام المتبادل بين الدول والشعوب ولا تلجأ إلى القوة ، وعرض المساهمة الجادة فى حل الصراعات السياسية المزمنة بالاعتراف بحقوق كل الأطراف دون انحياز أو تجاهل 

تحدث أوباما كثيرا عن فضل الإسلام التاريخى فى المساهمة فى ركب الحضارة الإنسانية وإنتاج الحضارة الإسلامية الثقافى والعلمى بدءا من أفكار التسامى والإخاء والتسامح إلى البحث العلمى وفنون الهندسة المعمارية والخط العربى والموسيقى ، وقال أن بلاده ليست ولن تكون أبدا فى حرب مع الإسلام 
استعرض أيضا بإيجاز العلاقة التاريخية بين المجتمعات الإسلامية والغرب وكيف أنها تعاونت فى مراحل وتعاركت فى أخرى  مشيرا إلى العصر الحروب الصليبية وحركة الاستعمار والآثار السلبية للعولمة  كأسباب ساعدت على  نمو تيارات معاداة الغرب 

فى القضايا السياسية المباشرة قال أوباما إن الولايات المتحدة اضطرت إلى الدخول فى حرب أفغانستان كنتيجة مباشرة لموجة الغضب العارمة التى سادت فى أميركا بعد أحداث 11 سبتمبر التى قتلت ثلاثة آلاف أمريكى ، لكنه اعترف بأن حرب العراق كانت مقررة سلفا وبخطأ الإدارة السابقة فى الإقدام على احتلال العراق رغم المعارضة المحلية والدولية ، وأكد عزمه على انسحاب القوات الأمريكية من العراق ، وأكد ضرورة التزام إسرائيل بوقف بناء المستوطنات فى الأراضى الفلسطينية المحتلة لعدم شرعيتها ولمخالفتها جميع القرارات والاتفاقات السابقة ، والاعتراف بحق الفلسطينيين فى إقامة دولة مستقلة ، كما أكد رفضه لامتلاك إيران للقنبلة النووية رغم عدم معارضته لاستخدام أى دولة الطاقة النووية فى الأغراض السلمية 

فى خطابه النفسى استهل أوباما خطابه بالتحية بالعربية السلام عليكم ، واستشهد بآيات من القرآن الكريم فى سبع مواضع من خطابه قوبلت جميعها بالتصفيق ، كما أنه أتبع ذكر النبى محمد بقوله عليه السلام 
فى حديثه عن الديمقراطية قال إن الانتخابات وحدها ليست كافية لإثبات ديمقراطية نظام ما ، وإنما اعترافه بحقوق الآخرين وعدم استخدام الديمقراطية كوسيلة للوصول إلى التسلط وإنكار الآخر 
وفى حديثه عن حقوق المرأة قال إن المقياس الحقيقى هو التعليم الذى تناله أو تحرم منه ، وأن معظم الدول التى تتمتع بمستوى معيشى أفضل اتبعت نظما تكفل تعليم المرأة ، فإن اختارت أن تحيا حياة تقليدية للبيت والأسرة يجب أن يكون ذلك برضاها وليس رغما عنها 
تحدث أوباما أيضا عن وجود خطط جديدة لزيادة الدعم العلمى والتكنولوجى والتعليمى لبلاد العالم الإسلامى بما يساعدها على إحداث تنمية تقيها شرور البطالة والفقر والتخلف حيث أن هذه الأوضاع تساعد على انتشار اليأس ومن ثم استخدام العنف 
ثم ختم حديثه بإنكار أفكار حتمية صدام الحضارات وضرورة استبدالها بأفكار التعاون والاحترام وأشار إلى أن بدء الحروب أسهل من إنهائها 
الحديث كما نرى فى مجمله جاء كما كان متوقعا ، وهو حديث إجمالى معنوى فيه من الملامح الثقافية والأخلاقية العامة كمدخل للسياسة أكثر مما احتواه من الخطط التفصيلية التى أعلن أنها لا يمكن تنفيذها من جانب واحد وأنه ينتظر استعداد الآخرين للعمل مع بلاده لتنفيذ ما جاء به من أفكار 
وكما تحدثنا فى المقال السابق قبل خطاب أوباما ، هناك فرصة واضحة ، يشك فى أنها ستكرر ، فى إرساء السلام وإحداث التنمية فى المنطقة بالتعاون مع الولايات المتحدة ، فهل نحن جاهزون؟ 
علينا أن نعى من الآن أن هذه الإدارة الأمريكية المتصالحة قد لا تمكث أكثر من أربع سنوات يعلم الله وحده ماذا يحدث بعدها ، وقد عارضت قوى الحزب الجمهورى بشدة هذه الخطوات السلمية بل واستنكرت مجرد زيارة رئيس الولايات المتحدة للقاهرة والرياض فى بادرة صداقة ، لكن هذه القوى لن تستطيع فعل شيء إذا أتممنا خطط السلام وأجبرت من خلالها إسرائيل على القبول بإقامة الدولة الفلسطينية وإزالة مستوطناتها أثناء حكم أوباما ، وهذا هو أهم بند فى البنود الأمريكية الحالية ، فإن لم نفعل ربما يأتى الجمهوريون مرة أخرى بما لا نود ، وإذا بكينا على ضياع هذه الفرصة كما بكينا على ما قبلها قد نظل نبكى للأبد .. الخلاصة .. علينا التحرك ، وبسرعة .. 



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق