الأربعاء، 10 يونيو 2009

خرائط أوباما Obama's Maps


من الناحية العملية دعنى أسألك سيادة الرئيس أوباما ما هى الأسس السياسية والجغرافية والتاريخية والأخلاقية التى ستبنى عليها تسويتك القادمة فى الشرق الأوسط؟
القارىء للمعطيات الحالية يقول أن مرجعياتك لابد أن تعتمد على قرارات الأمم المتحدة التى اتفق عليها العالم منذ عشرات السنين ولم تتدهور أحوال الشرق الأوسط إلا بسبب تجاهل تلك القرارات أو رفضها ، بالإضافة إلى محاولات الاتفاق السابقة

1. أول قرار هو قرار تقسيم فلسطين عام 1947 إلى دولة إسرائيل ودولة فلسطينية ووضع مدينة القدس تحت إدارة دولية 

2.    ثانى قرار هو القرار رقم   242 بانسحاب إسرائيل من الأراضى التى احتلتها عام   1967 فى مصر وسوريا والضفة الغربية وغزة والقدس الشرقية ، وضمان حرية الملاحة فى قناة السويس لجميع الدول بما فيها إسرائيل

هناك مرجعيات أخرى غير تابعة للأمم المتحدة هى:

3. اتفاقية كامب دافيد عام 1979 ، برعاية الرئيس جيمى كارتر ، والتى اقتصرت على الانسحاب من سيناء مقابل إنهاء حالة الحرب بين مصر وإسرائيل

4. الاتفاقية الأردنية الإسرائيلية:
اتفاقية منفردة بين الأردن وإسرائيل لإنهاء حالة الحرب بينهما لكن دون إعادة أية أراض إلى الأردن

5. اتفاقية واى ريفر بين الفلسطينيين والإسرائيليين التى لم تتم ، تحت رعاية الرئيس كلينتون
تقترح انسحاب إسرائيل من أجزاء من الضفة الغربية وغزة وتسليم مدينة القدس لإسرائيل ماعدا المسجد الأقصى

6.     المبادرة العربية التى أطلقتها مؤخرا المملكة العربية السعودية مستندة إلى القرار   242  بانسحاب إسرائيل من جميع الأراضى المحتلة عام 1967 مع إعطاء إسرائيل ميزة جديدة هى علاقات طبيعية مع جميع الدول العربية وإنهاء حالة الحرب بينها وبين إسرائيل ، ووافقت عليها جميع الحكومات العربية


7.     خطة خارطة الطريق الأمريكية بين الفلسطينيين والإسرائيليين التى قدمت فى عهد بوش الإبن ، مستندة إلى العودة إلى قرار التقسيم عام 1947 بإقامة دولتين إحداهما فلسطينية والأخرى إسرائيلية ولكن مع:
- إضافة جزء من الضفة الغربية المحتلة عام 1967 إلى إسرائيل
- إضافة الأراضى التى احتلت عام 1949 (صحراء النقب) إلى إسرائيل
- تجاهل القرار 242 يشأن الأراضى العربية المحتلة وهى الجولان والقدس الشرقية

لنستعرض الآن بإيجاز هذه المرجعيات ، كيف قوبلت وكيف يمكن أن تساهم فى إيجاد حل لهذه القضية المستعصية
1. ماذا فعل العرب بالقرار الأول؟ لقد رفضوه بالإجماع ، وشنوا حربا عام 1948 ضد إسرائيل
السبب: رفض استقطاع جزء من أراضيهم للمهاجرين اليهود القادمين من أوربا ، لكنهم خسروا الحرب
وماذا فعلت إسرائيل به؟ خاضت إسرائيل الحرب ضد العرب
السبب: الرغبة فى الحصول على دولة لليهود فى فلسطين 

لكن إسرائيل بعد عام واحد قامت بالتوسع بالقوة عام  1949 فى صحراء النقب خارج حدود قرار التقسيم ، والذى لم يدخل فى حدود الدولة الجديدة لا الضفة الغربية ، ولا غزة ، ولا القدس ، ولا صحراء النقب ، وخرقا لاتفاقية الهدنة
الأسباب:
1. الرغبة فى التوسع جنوبا وإنشاء منفذ لإسرائيل على البحر الأحمر
2. فصل المشرق العربى عن مصر والمغرب العربى جغرافيا بإيجاد كيان إسرائيلى غير صديق يمنع الاتصال البرى

2. القرار الثانى: ماذا فعل به العرب؟ لقد قبلوه رغم تحفظهم بأنه غير كاف لحل القضية
وماذا فعلت به إسرائيل؟ رفضت الانسحاب من الأراضى التى احتلتها عام 1967

3. المرجعية الثالثة: اتفاقية كامب دافيد
قبلتها مصر وإسرائيل فقط وتم الانسحاب من سيناء مقابل الاعتراف بإسرائيل وإقامة علاقات ديبلوماسية معها
ماذا فعل بها العرب؟ العرب خارج الاتفاقية ، رفضتها جميع الدول العربية وقطعت علاقاتها بمصر لمدة عشر سنوات إمعانا فى الرفض لأنهم أرادوا استرداد جميع الأراضى العربية المحتلة

4. المرجعية الرابعة: الاتفاقية الأردنية الإسرائيلية
قبلها الطرفان الأردن وإسرائيل وتم إنهاء حالة الحرب بينهما لكن دون إعادة أية أراض محتلة إلى الأردن
ماذا كان موقف العرب؟ خارج الاتفاقية

5. المرجعية الخامسة: اتفاقية واى ريفر بين الفلسطينيين والإسرائيليين التى لم تتم ، تحت رعاية الرئيس كلينتون
ماذا فعلت بها إسرائيل؟ ضغطت لضمان السيادة على القدس بأكملها
ماذا فعل بها الفلسطينيون؟ رفضوا تسليم القدس إلى السيادة الإسرائيلية وقبلوا بقية البنود
ماذا كان موقف العرب؟ خارج الاتفاقية

6. المرجعية السادسة: المبادرة العربية
تنازل جديد قدمه الحكام العرب بالاستعداد للاعتراف بإسرائيل فى حدود عام 1967 وإقامة علاقات طبيعية معها
ماذا فعلت بها إسرائيل؟ رفضتها لسنوات ثم عادت لدراستها لكنها لم توافق عليها

7. المرجعية السابعة: خطة خارطة الطريق بين الفلسطينيين والإسرائيليين برعاية الرئيس بوش الإبن
ماذا فعلت بها إسرائيل؟ أدخلت عليها 14 تعديلا لصالحها ، ولم تنفذ أيا من بنودها
ماذا فعل بها الفلسطينيون؟ قبلها البعض ورفضها البعض لاستقطاعها لأجزاء من الضفة الغربية لصالح إسرائيل
ماذا كان موقف العرب؟ خارج الخطة

ملاحظات هامة:
1. جميع المبادرات الأمريكية الأربع خارج إطار الأمم المتحدة لم تدخل المجموع العربى فى حساباتها وأخرجت العرب من أى اتفاق وقد عمدت كلها إلى إبرام اتفاقيات منفردة بين إسرائيل وأحد الأطراف العربية ، النتيجة بالنسبة لباقى الدول العربية يبقى الموقف على ما هو عليه ، إما خارج الاتفاق وإما رافض له .. موقف لا يساعد على الاستقرار فى الشرق الأوسط ويبقى على حالة التوتر إن لم يتسبب فى إشعالها ، وهى كلها اتفاقيات هشة وهزيلة ولا تمنع اندلاع الحروب وتساعد على انتشار حركات الرفض والتطرف والإرهاب ولعل الولايات المتحدة وإسرائيل أكثر من عانى من هذه الاتجاهات

2. المبادرة العربية هى مبادرة حكومات ولم تستشر فيها الشعوب العربية صاحبة الإرادة الشعبية ، وعلى ذلك فهى غير كافية لتحقيق السلام الدائم ، إذ ستظل الشعوب تشعر بالظلم والرغبة فى تصحيح الأوضاع
 
3. قرارا الأمم المتحدة فى 1947 و 1967 (242) مكملان لبعضهما ولا يجوز اعتبار أحدهما وتجاهل الآخر لأن كل منهما يختص بقضية مختلفة ، الأول يخص إنشاء دولتين لليهود وعرب فلسطين ، والثانى يخص احتلال أراض خارج نطاق القرار الأول احتلت بالقوة وفى وقت مختلف

4. لم تعد إسرائيل أية أراض احتلتها بالقوة إلى أى بلد عربى إلا تحت ضغط القوة ، وفى حالة واحدة هى أرض سيناء التى أعادتها مرتين إلى مصر ، الأولى تحت ضغط الإنذار الأمريكى السوفييتى عام 1956 والثانية بحرب مصرية لاسترداد الأرض عام 1973
هذا يقودنا مباشرة إلى المبدأ الأخلاقى الذى يمكن أن يعتمد فى تسويات تصلح للاستمرار
هناك عدة شعارات متناقضة أطلقت من أطراف مختلفة من بينها

عدم جواز الاستيلاء على أرض الغير بالقوة
حرية الملاحة فى الممرات المائية الدولية
الأرض مقابل السلام
الأمن مقابل السلام
القدس عاصمة موحدة لإسرائيل
القدس الشرقية عاصمة لفلسطين
تدويل القدس
تقسيم القدس
تهويد القدس
حق إسرائيل فى الوجود
إسرائيل يجب أن تزول
احترام وتنفيذ قرارات مجلس الأمن الدولى
جواز استخدام البند السابع لميثاق الأمم المتحدة لتنفيذ قرارات مجلس الأمن بالقوة
لا دولة بدون حدود
لا حدود بدون دولة
عدم جواز سياسة الأمر الواقع
حق الفلسطينيين فى العودة
حق الشعوب فى تقرير المصير
حق الشعوب فى مقاومة الاحتلال
ما أخذ بالقوة لا يسترد بغير القوة

5. لم يصدر قرار أممى بشأن استيلاء إسرائيل على صحراء النقب حتى الآن

صحراء النقب هذه مشكلة إن لم تحل سيبقى الصراع على ما هو عليه إلى للأبد ولن تهدأ المنطقة
على عكس مناطق القطاع والضفة والقدس والجولان وجنوب لبنان فإن هذه المنطقة هى أساس اسمح لى فى التعبير "القرف" فى المنطقة كلها ، وهى التى يمكنها أن تؤجج مشاعر الكراهية من جديد فى أى وقت رغم كل الاتفاقات والمعاهدات ، وفى المقابل فإن حلها سيساهم كثيرا فى إرساء أساس دائم للعلاقات بين العرب وإسرائيل ويضمن لها الوجود دون مقاومة
أما لماذا لأنها جغرافيا فصلت دول المشرق العربى تماما عن مصر ودول المغرب وبهذا انطبق على إسرائيل التعبير الذى يستخدمه جميع الوطنيين العرب بأن إسرائيل هى شوكة فى الجسد العربى

أخيرا يا سيادة الرئيس نحن نطالب بمطالب منطقية وشرعية لا تخرج عن تنفيذ قرارات الأمم المتحدة:
  1. جلاء إسرائيل عن صحراء النقب تنفيذا لقرار التقسيم عام 1947 وإعادة الاتصال الجغرافى بين شرق العرب وغربهم كما كان لآلاف السنين ، أما كيفية تنفيذ ذلك فيترك للخبراء ، ومن المؤكد أن هناك الكثيرين منهم
هذا المطلب يجب أن يؤخذ فى الاعتبار فى أى اتفاق بين العرب وإسرائيل ، وهذا هو أهم مطلب فى أى تسوية لأنه الوحيد الكفيل بضمان استمرارها ويمنع نشوب الحروب فى المستقبل
  2. دولة فلسطينية متصلة فى الضفة الغربية وغزة وصحراء النقب تنفيذا لقرار التقسيم
  3. دولة إسرائيلية فى حدود قرار التقسيم لعام 1947
  4. تقسيم القدس إلى شرقية تابعة للدولة الفلسطينية وغربية تابعة لإسرائيل
  5. إعادة الجولان المحتل إلى سوريا
  6. إعادة ما تبقى من أراضى لبنان للسيادة اللبنانية
  7. نزع سلاح إسرائيل النووى

  8.           إنهاء حالة الحرب وإقامة علاقات طبيعية بين الدول العربية وإسرائيل فى حدود مستقرة وآمنة ومعتمدة من الأمم المتحدة
  9. أن يتم الاتفاق فى إطار من الشرعية الدولية داخل الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولى تلتزم به كل الأطراف
10. استخدام البند السابع من ميثاق الأمم المتحدة ضد أى طرف يرفض الالتزام بقرارات مجلس الأمن الدولى بما فى ذلك إسرائيل

هذه المطالب ليست سوى تنفيذ قرار الأمم المتحدة بشأن الدولتين الصادر عام 1947، ولم تختلف إلا فى استبدال تقسيم القدس بتدويل القدس ، وقرار مجلس الأمن رقم   242 لعام 1967 وهى القرارات الذى تضم فى مضمونها كل الجهود السابقة المجزأة لإرساء السلام فى الشرق الأوسط

أما اختزال الصراع إلى مشكلة بين الفلسطينيين والإسرائيليين فهو فكرة خائبة ولن تحل شيئا وسيدعو دولا مثل إيران وسوريا إلى إبقاء حالة الحرب وإلى دفع منظمات كحزب الله وحماس والجهاد والقاعدة إلى إشعال الحروب فى المنطقة وربما فى غيرها ، هذه المنظمات لم يفرزها إلا سلوك إسرائيل ودعم الولايات المتحدة المتواصل لها على حساب العرب والمسلمين وضد مصالحهم وكرامتهم ، كما قد يؤدى إلى عدم الاستقرار فى دول أخرى وربما تظهر نظم جديدة تتبنى التطرف

المستوطنات وحدها مع كل الاحترام لاتجاهكم لوقفها أو إزالتها ليست كل القضية ولن تكفى إزالتها لحل دائم مستقر ، إذ ستبقى هناك أراض عربية محتلة وشعوب تشعر بالظلم وترفض الاستسلام وسيظهر من السياسيين من يستخدم هذا الوضع للوصول إلى الحكم ، والواقع أن فوز حماس فى الانتخابات لم يأت إلا من هذا الطريق ، فلعلنا ننظر إلى المستقبل بطريقة شاملة ونبحث عن الوسائل الكفيلة بحل الصراع من جذوره 

سيادة الرئيس أوباما وكل رئيس أميركى قادم .. مطالبنا  ليست أكثر من تطبيق قرارين دوليين للأمم المتحدة  أيدتهما الولايات المتحدة هما قرار 1947 والقرار 242 لسنة 1967 ، ولسنا بحاجة  إلى أية مشروعات جديدة أو حلول تبتعد عن هذين القرارين أو تتجاهلهما ، هذا إذا أردنا الاستقرار الدائم وحلول السلام الحقيقى فى الشرق الأوسط  
بقى أن ندعو الله بالتوفيق
والله الموفق 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق